الأربعاء، 29 يونيو 2011

القصقوصة العشرون (مساء بروح مصر)


زحف الليل على السماء و هزم النهار في غزوته اليوميه ليطفئ لهيب الشمس و نورها, أنظر أنا من النافذه لأرى وجهاً لعروسه في أبهى حلتها سمراء لها عيون سوداء ذات نظرة عميقه بريئه و رموش كحيله, لها ضفيرتان في سواد الليل و وجنتان في حمرة الغروب, تنظر لمن يتجه لها بشوق و تزداد إبتسامتها كلما إقترب, تقترب الطائرة تلمس عجلاتها الأرض الطيبه, و يسقط قلبي مع هبوط الطائره من شدة الشوق , أخطو عليها أولى خطواتي و أنا أُقبلها بعيني و املأ جسدي برائحة هواها.

هنا القاهره الآسرة الهادرة الساهرة الساترة السافرة

هنا القاهرة الزاهرة العاطرة الشاعرة النيّرة الخيّرة الطاهرة
هنا القاهره الساخرة القادرة الصابرة المنذرة الثائرة الظافرة

ما أجمل ليلها الخلاب يصف الشعراء الليل عادة بالبهيم لكن ليلها عظيم , أرى وجوه الخلق المتنوعه التي تحمل الأسى و الرضا, وألسنتهم التي تنطق بالدعاء والسباب, تسير بنا السياره بين شوارعها المزدحمه و لوحات الاعلانات تصل للسماء أنظر للسماء في سعاده و كأنها سماء غير سماء الغربه رغم الأتربه رغم احصائيات البيئه و نسب التلوث هي أصفى سماء في نظري بنجومها القليله المتناثره التي تنعكس على سطح النيل الأصيل.

صدى الهمس في الزحمة و الشوشرة

أسى الوحدة في اللمة و النتورة

فوق كبري 6 أكتوبر يقف العشاق و الأصحاب في أحاديث متصله يشهد عليها النيل الذي يبعث لهم سحره و جماله ليصبح فُسحة الفقير و فتنة الفنان و قبلة العاشق , تصطف سيارات حمص الشام على الجانبين لا أراها تشوه المنظر كما يزعم البعض أراها تزيد من متعة رواد الكوبري و تضيف علامات الحياه المصريه التي تعشق (النأنأه) و (التلقيط) معظم الوقت, العشاق هائمون لا فرق بين الصادق و الغشاش و لا فرق بين الطيب الراضي و المتطلع الذي تدفعه الحياه لفعل أي شئ كلهم جزء من وطني الحائر.

هنا الحب و الكدب و المنظرة

نشا الغش في الوش و الإفترا
هنا القرش و الرش و القش و السمسرة
هنا الحب و الحق و الرحمة و المغفرة

في شارعنا الصغير مازال الأطفال يلعبوا الكره حتى منتصف الليل و تعلوا أصواتهم دون أن يتذمر أحد, هناك يقف عم أحمد بسيارة خشبيه صغيره ينادي على الأيس كريم تمر السنوات و تتغير الأحوال و سيارة عم أحمد لا تفارق الشوارع و صوته و هو ينادي يبعث جواً من الحميميه بين البيوت, أدخل في بيتي أكاد أضم كل ركن فيه , نشعل أضواء خافته معتمدين على النور المتسرب من بين ضلف الشيش , أحب اليل في مصر حتى لو لم أرى الشارع, أحبه و أنا بين أهلي أحتمي في دفئهم, نشاهد التلفاز بصوت عالي و نتحدث بصوت عالي و نضحك بصوت عالي جداً ونأكل البطيخ المثلج ثم اللب المحمص و ننام شبعانين سواء تنولنا العشاء أو لم نتناول شئ على الاطلاق.

و انا ف قلب دوامتك الدايرة بينا

بصرخ بحبّك يا أجمل مدينة
يا ضحكة حزينة .. يا طايشة و رزينة

ينتصف الليل و مازال ليلك صاحي لا ينام و البيوت مضاءة و كلام الناس و حكاياتهم لا تنتهي, انفرد بنفسي في غرفتي أنظر من النافذه على بيوتك القديمه الجديده الشاهقه الصغيره الفاخره الباليه, القمر يشاهد حكاويكي و شوارعك و القهاوي و الناس دون ملل و يستمع الى وعود العشاق و أمانيهم دون ضجر, أنام في أحضانك و أنا أحلم و أحلم و أحلم لأني أعلم أن ليلك مهما طال يليه إشراقه تنير الكون.

بحبّك و اعفّر جبيني في ترابك
و اعيش في رحابِك و أقف جنب بابك
جنايني أروي بالدم وردة شبابك
يا زينة جنينة حياتنا اللعينة
بحبّك يا بنت اللذين
بحبّك


الأغنية للشاعر الكبير سيد حجاب

الثلاثاء، 28 يونيو 2011

القصقوصة التاسعة عشر(رشة ملح)


سنه أولى جواز...أصعب و أهم سنة في حياة أي زوجين مهما حاولوا  يتظاهروا بغير ذلك و مهما ظنوا أنهم توأم الروح و طيور مغرده و قلب بروحين و الى آخره من كلام الأغاني...بداخلهم مصدومين من أول يوم إستيقظوا فيه ليجدوا أن لهم شريك في كل شئ و لهم شخص مسؤلين عنه و مسئوليات ليس لها أول من آخر, وقتها يبدأوا بالشعور بالعذاب رويداً رويداً و القهر و الصدام المتكرر و عدم الثقه بالنفس, و كل هذه أعراض سنه أولى جواز.

يقول الخطيب دائماً كلمات عذبه مهذبه تتحول لأوامر بعد الزواج, كل الأحاديث أيام الخطوبه تصب في نهر من الحب, بعد الزواج تصب في نهر من الطلبات و الحسابات, في الخطوبه يظل ينظر لها حتى و هو يقود السياره يكاد يصدم أحدهم في سبيل النظر لها, بعد الزواج ممكن يبدأ حوار و ينهيه دون النظر لها, في الخطوبه يحب حديثها حتى لو في السينما أما في الزواج فهو يفضل النوم.

من أهم مشاكل سنه أولى زواج هي كلمة الرجل الشهيره في الخطوبه "أنا لا أهتم بالأكل نهائي...فلنأكل أي شئ"  و هنا تتنهد الفتاه براحه و تظن أنه جاد, بعد الزواج يبدأ في التذمر و يبدأ في مطالبتها بأن تطبخ أصناف متعدده مثل المحشي و الحمام ,  بعض الفتايات تبالغن في الدلال و لا تدخل المطبخ الا في الأعياد, أنا ضد الصنفين لأن الصبر مطلوب ,لماذا يطلب الزوج من زوجته أن تدير المنزل و تطبخ أشهى الأصناف مترحماً على أيام (أكل ماما) و ينسى أن ماما قد تكون أكبر من ضعف عمر زوجته, أليست الخبره تولد من رحم السنوات أم أنها شئ يأتي بالأمر أو حتى التمني.

الخضار, كان نقطة خلاف بيني و بين زوجي (الذي كان يظهر عدم اهتمامه بالأكل بالمره) يحبه من الخضري بطين الأرض, و أريده من السوبرماركت بثلج الفريزر, و بعد مفاوضات رضخت لرغبته و إذا به يأتي لي بحمام مذبوح بعد الزواج بشهور ,( فعلاً لا يتهم بالأكل), المهم قدمته مسلوقاً و أمري لله :)

مره أخرى أحضر لي فراوله , و لأني كنت متوتره دائماً خشية أن يسخر من طعامي بدلاً من أضع عليها السكر وضعت رشة  ملح لكن استدركت الأمر بسرعه و غسلتها و وضعت الكثير من السكر, الحقيقه كان طعمها أشبه بصفعه على الوجه, نظر لي بعيون حمراء غاضبه و قبل أن ينطق قلت له بعصبيه " شوفت الفكهاني عديم الضمير...أعطاك فراوله سيئه...كنت أعرف أنها ستكون حادقه"  فما كان منه الا أن توعد الفكهاني ببعض الكلمات لأنه ضحك عليه :)

ماذا يضير الرجل لو صبر على زوجته الشابه, و ماذا يضير الفتاه لو بذلت بعض المجهود لاسعاد حياتهما, لماذا تنقطع أحبال الود و نقف مكتوفي الأيدي أمام صدمة شهور الزواج الأولى, هو يريد أن يفرض سطوته و يذبح القطه و يضمن طاعة زوجته بدون أدنى تفكير في شعورها بالغربه و افتقادها لرومانسية الخطوبه و احتياجها لاحتواءه, و هي تريد أن تعارضه لتثبت لتفسها أنها حُره و تريد أن تسمع منه كلمات الحب و الاعجاب في كل وقت لا تعلم أنه يحتاج أن يشعر أن البيت بقبضته و الكلمه كلمته حتى لو لم يحدث ذلك طول الوقت.

كنا نشاهد فيلم رومانسي و عندما انتهى بكيت و اتهمته بأنه لم يعد يحبني, و استفزني كثيراً أنه لم يحاول أن يدافع عن نفسه كل مره أقول "لم تعد تحبني" لا أسمع الرد الذي أنتظره, تكرر هذا الموقف عدة مرات بعد كل فيلم رومانسي حتى قرر أخيراً أن يتحدث في الأمر, قال أن الفيلم عباره عن ساعتين مركزين من المشاعر تجعلنا نتأثر أو نبكي من قوتها, أما حياتنا فهي (عمر بحاله) لو جمعنا لحظات الحب فيه ستصبح أقوى من أي فيلم لكن لأنها مبعثره, و متجزأه و بها فواصل من المشاكل لا نشعر بها لكن لو أي حبيبين كتبا قصة حبهما ستكون أجمل من أي فيلم...بصراحه إقتنعت أو أقنعت نفسي لتهدأ.
ستظل أيام الحب الأولى و الخطوبه لها سحرها قبل أن نتزوج و نرش على الحب رشة ملح, قد تجعل طعمه مختلف لكنه يبقى موجود في لفتات دافئه و رغبات صادقه في إسعاد من نحب.

الاثنين، 27 يونيو 2011

القصقوصة الثامنة عشر(طيور لا تقع على أشكالها)+ تنويه مهم


هو شاب مهذب متفوق أحبها حب السهر و التفكير و فقدان التركيز, أحبها و تمنى أن تكون هي نصيبه من الدنيا , لم يستطع الصمت إعترف لها بمكنون نفسه, إبتسمت, غاب هو عن الوعي, فكان أشبه بمجذوب في حبها, كانت من أجمل فتايات الكليه , تحب لفت الأنظار لجمالها فترتدي ألوان صارخه بشكل غير معتاد كبنطال أصفر, حذاء أحمر , أساور و حُلي كبيره,  تكلمه برقه زائده تداعب مشاعره, أحب دلالها و عاشا قصة حب كلٌ من منظوره الخاص.
هو أهمل دراسته و تفرغ للغيره عليها و التفكير في كل شئ يسعدها بل و إلتحق بعمل كي يستطيع التقدم لخطبتها, هي لم تغير نمط حياتها من أجله إكتفت بالوقوف معه بعض الوقت وحدهما هذا كل ما يمكن أن تعطيه له , بعد عام كامل من مشاعره التي تحترق على سطحها البارد, إنفصلت عنه دون سبب معروف و تركته مع حزن أصبح يصاحب نظرته و يأس أصبح يغلف قلبه ليس حزناً عليها إنما على مشاعره التي رخصت إلى هذا الحد أن تُباع دون ثمن.


هي فتاه طيبه محترمه لم تعرف عن الحب سوى قصص الإعجاب البريئه, تقدم لخطبتها , فرحت به بدأت تمارس معه كل طقوس الحب التي طالما سمعت عنها, تحدثه للا طمئنان عليه, تهتم بأمره و تتكلم معه ليل و نهار, تحلم باليوم الذي ستجمعهما الحياه بين أربع جدران لتوهبه الكثير من حبها وشوقها, أما هو فلم يكن يهتم كثيراً بأمرها يعتبر أن كل منهما حُر في حياته , كان يزورها فيجلس بعيد عنها يتحدث بكلمات قليله , يتأكد مراراً من حبها له بينما لم يعبر لها بوضوح عن حقيقة مشاعره.
مر عام كامل لم تتوطد فيه علاقتهما , لكنها عاشت أحلام عريضه و رسمت بيت و أطفال و أسلوب حياه بينما هو كان يتسمع لكلامها و يوافق عليه دون أي مشاركه فعاله, حتى كان ميعاد شراء الشبكه, إختفى, لم يظهر, حاولوا أن يحدثوه هاتفياً لم يرد و بعد شهر من الصمت و الذهول و العذاب تحدث ليبلغهم أسفه أنه لن يستطيع أن يتم الزواج هكذا دون ذكر أي سبب, وهنت هي و أصبحت كالظل شاحبه حزينه ليس عليه و لكن على كرامتها التي جرحت و أحلامها التي هُدمت دون سبب.
كنت أتمنى أن أُعرفهما على بعض....

هو شاب عادي كبر و يريد أن يتزوج, أحضرت له أمه العديد من العرائس لم تعجبه أياً منهن, طلباته معروفه بيضاء, مليحة الوجه, ذات قوام جميل, حتى صادفها في العمل, تقدم لخطبتها فوراً أمطرها بكلمات الغزل و الحب, هي رغم أنها تفاجأت به يقتحم حياتها الا أنها وافقت عليه و تمنت أن تسعده كما يسعدها بحبه الظاهر جداً, في الماديات أهله كانوا متشددين و أصروا على الفصال و الحط من حق الفتاه, التي أقنعت أهلها بالموافقه على أي عرض.
و لكن أمه لم ترضى عن العروس و رأت أنها متكبره عليها لأنها مهندسه و هي ربة بيت, أرادت على أن تحط من قدرها أكثر فحكمت على إبنها أن يقنعها أن تتنازل عن الشبكه في سبيل تشطيب المنزل سوبر لوكس, و عندما طلبت وقت للتفكير بادرها بالانفصال لأنها ماديه و تريد شبكه في حين أن إبنة خالته تزوجت دون شبكه.

هي فتاه عاديه تخرجت و تريد أن تتزوج, عندما تقدم لها فحصته جيداً و أهلها سألوا عنه فعلموا أنه مرتاح مادياً فوافقوا, وكانت سعيده بحبه و إحترامه لأهلها ففرضت عليه أن يشتروا الشبكه و يشطّبوا الشقه و يفرشاها دون أدنى تدخل من أهله, كما طلب منه أباها مهر و مؤخر مبالغ فيهما و لأنه طيب وافق على كل شئ و أقنع والداه بالموافقه تجنباً للمشاكل .
لكن بعد مضي فترة من الخطوبه طلبت منه أن يبيع شقته لأنها لا تريد أن تسكن في بيت عيله , تريد شقه جديده في إحدى المدن الجديده, و عندما رفض هذه المره خوفاً على مشاعر أهله الذين بنوا هذا البيت بسنوات عمرهم و حلموا باليوم الذي يكون فيه جاراً لهم, تركته إنفصلت عنه بسهوله لأنه إبن أهله.
كنت أتمنى أن أعرفهما على بعض...


على الهامش
فكره جميله فكر فيها المدونين لعمل كتاب إلكتروني  يجمع 100 تدوينه من تدوينات شهر يونيو لو حابب تشترك إبعت تدوينتك من يوم 1 يوليو على اللينك ده  
عشان نصوت على أجمل مائة تدوينه, حد عنده إقتراح أشترك بأي تدوينه لي؟
هامش آخر مهم جداً
يوم الجمعه الجايه 1 يوليو هيكون فيه تجمع تدويني للتبرع بالدم في المصل و اللقاح في الدقي, التفاصيل هنا في مدونة فاتيما روح قلب ماما, لو لاقيتوا واحده واقفه مكسوفه على جنب كده تبقى أنا :)

الأحد، 26 يونيو 2011

القصقوصة السابعة عشر (أيام الهيافه)


 إلى شريف,

أحاديثنا لم تنقطع, أعتقد أنك أكثر رجل مستمع جيد أعرفه لم تملّ يوماً من حكاياتي التي لا تنتهي بل انك عندما تجدني صامته تأتيني متساءلاً عن السبب, صحيح أنك عودتني أن أسألك بإستمرار خاصة عند مشاهدة الأفلام الأجنبيه مما يقلل من متعتك , دائماً تشعر بي, تشجعني, تقوّمني, تنصحني بطريقه غير مباشره, تعطيني الشعور بأني أصغر منك بكثير مع أنك  توأمي...فالاحدى عشرة شهر التي فرقت بيننا جعلتنا أشبه بتوأم.

كنت دائماً أنا تابعك تلميذك النجيب , تأمرني فأطيع ,نتشاقى و اللوم يكون من نصيبي, تضحك علي دائماً عندما نلعب (أتوبيس كومبليه) و تخبرني بأسماء وهميه لحيوانات و بلاد مُبرراً عدم معرفتي بها بأني لا أقرأ الموسوعات و أشاهد البرامج الثقافيه مثلك, و في( المونوبولي) و (بنك الحظ) كنت تخترع قوانين غريبه للعب تعزز من موقفك و تأكد لي أنها صحيحه, وكنت أصدقك ليس طيبة مني لكن حباً فيك...ربما لا تعرف أني أحياناً كثيره كنت أتمنى أن تكسب أنت لأني أعرف أن الخساره تضايقك لأقصى حد.

كنا نتصارع على أشياء صغيره مثل أكل العجينه المتبقيه من الكعكه في إناء العجن, قبل أن تدخل الفرن...و كنت دائماً تدخر الشيكولاته و الحلوى لأنك تعلم أني لا أصبر على شئ أحبه و لا أعرف ثقافة الادخار, و عندما تتأكد أني انتهيت تبدأ أنت في الأكل بإستمتاع لتغيظني.

عندما ينام أبي و أمي أو يخرجا نبدأ في لعبتنا المُحببه التي إبتكرتها أنت, أقلام خشب, مكاعبات, عملات معدنيه, كل باقيا الألعاب الصغيره و كل الأغراض التي تنفع, هذه هي مكونات اللعبه, نبني بالأقلام بيوتاً نرسمها كأشكال هندسيه لا ننسى النوافذ و الشرفات, نرصّ داخلها الأغراض كفرشاً حقيقياً لبيت, و المكاعبات هي الناس, الصغيره أطفال و الوسط شباب و الكبيره رجال, البيضاء و الصفراء بنات و الزرقاء و الخضراء رجال.

و يبدأ السحر...أحداث و قصص كثيره مشاعر و خيال و كأننا نكتب قصة فيلم و نخرجه و نمثله, و عندما نملّ من البيوت نصنع مستشفى, مطار , فندق, أو حتى مدينة ملاهي, و أحياناً بحر و شاطئ أو جسر و نهر, دائماً أفكارنا لا تنتهي, مشكلتنا الوحيده أننا كنا نلعب في السر لأنهم كانوا يظنونها (هيافه) كلما رأوا لُعبة منصوبه قالوا (إيه الهيافه دي؟...بتلعبوا بلعب متكسره ) و هكذا أطلقنا عليها هذا الاسم (هيافه).

بمجرد أن نجد الوقت المناسب نتهامس (هيافه) أذهب أنا كصبي مطيع لأحضر الأغراض و تبني أنت بشكل دقيق و نلعب بأحداث و شخصيات جديده كل مره, حاولوا كثيراً التخلص من لعبتنا, يرموها , يخبئوها, يشتروا لنا اللعب الجديده كي ننساها لكن أبداً لا ننساها و نستمر في خلق الأحداث و الأماكن, بالرغم من أنك تعشق السيارات و الطائرات, و بالرغم من أني مفتونه بدمية (باربي) التي أحتفظ بها حتى الآن الا أننا لا نجد مساحة لخيالنا الا مع( الهيافه).

حتى كبرنا و إنشغلنا و تفرقنا كل منّا في قاره و لا نرى بعضنا سوى عبر شاشة الكومبيوتر,  لكن لازلنا كلما نكون وحدنا نهمس "تيجي نلعب...(هيافه)".

أنتم ايضاً حدثوني عن ألعابكم المفضله,

متى؟


يمر الوقت بي و لا أعرف إن كان يوماً أو سنه

فهو يمر بي و لا أجد نفسي هناك و لا هنا

و أرتشف من كاساتي ماء لا لذه فيه و لا هنا

تراني فتظن أن الزمان قد توقف عندي أنا

فأنا كما أنا

و أنت كما أنت

لم يتغير منا أحد

يعيش كل منا حياة فارغه

لو كنا سوياً ما كانت فارغه

يبحث كل منا عن أحلام ضائعه

لو كنا سوياً ما كانت ضائعه

لقد تبعثرت أيامي و طارت في الهواء كأوراق الشجر

حتى ذكرياتي أضعتها كلها لم يتبقى لي سوى ضوء القمر

يحاول عبثاً أن يذكرني بك

بنظرة عينيك

فتصبح ذكرياتي كلؤلؤ تائه بين الرمال

أو كزهور متناثره فوق الجبال

و أبكي أبكي من فرط السعاده

حينما أتذكر كيف ضحكت لي منذ عام أو عامين

و أبكي أبكي من فرط التعاسه

حينما أتذكر كيف لم أرك منذ عام أو عامين

فرؤياك عيد لا يأتي الا من الحين للحين

و حماقتي داء لم أتخلص منه منذ سنين

و أسأل نفسي ان كنت شئ من ذكرياتك

أم أنني أضيع بين إهتماماتك

إلى أين تأخذك أفكارك

إني أراك كما أنت.....و أنا كما أنا

لم يتغير منا أحد

أتذكرك في الأعياد و عيدي رؤياك

فلا يأتي هواك بميعاد

و أنساك أوقات أوقات

عندما أملّ من الذكريات

و تظل لا تأتي

و أظل أنتظر

ستقوم يوماً عاصفة حبك و يهوى المطر

و سنتغير سوياً

و نذوب سوياً

لكن......متى؟

الجمعة، 24 يونيو 2011

يوم الخميس


تعارض رأيها مع قراره لم ترضخ هذه المره أصرت على رأيها, تعلم أنه غير مسموح أن تقف أمامه كديك شركسي لكن هذه المره هي متأكده أن جانبها الصواب و أن قراره قد يحطم آمال بداخلها, لم يتعود منها على الاصرار إعتبره (زن) و (رغي ستات) و عندما إستمرت على رفض قراره إعتبرها (نشوفية دماغ) و (قلة عقل) واجهها بأنها ناقصة عقل و دين, سخر منها و ضحك على جدّها.

لم تيأس هذه المره و تطاوعه و تضحك رامية بعرض الحائط رأيها, زادت إصراراً, انقلبت سخريته لاهانه و إستخفاف بها, كرامتها أبت هذه المره أن تلعب دور المشاهد و ثارت على سنوات مضت من الصمت, أرادت أن ترد إهانته بإهانه لكن لسانها لم يطاوعها لأنه تعود ألا يهين رجل وجهاً لوجه, قد يلوك ببعض الاهانات للرجال في المجالس النسائيه فقط, أما الآن هو عاجز, فما كان منها الا أن ردت بالدفاع عن نفسها و عن بنات حواء و إتهمته بعدم التفهم لأوامر الدين في حسن معاملة المرأه.

" يعني أنا مش بفهم في الدين...يعني أنا كافر" هكذا صرخ قبل أن يلطمها على وجهها, دون تفكير بعد أن شُلّت كل حواسها راحت ترمي متعلقاتها في حقيبة إستعداداً للرحيل, و لكنه أمرها بأن تمكث في البيت و أخبرها أنها لو تركت المنزل ستكون (طالق) و غادر هو صافعاً كل الأبواب في وجهها.

هاجت كذبابه محبوسه في برطمان زجاجي, تجري هنا و هناك تصرخ بهيستيريا تخبط رأسها في الحائط بجنون ,لكنها  لم تبكي, ضربها و أهانها و لم تبكي, أهدر كرامتها في كل مكان و لم تبكي, أمسك بكل خيوطها و لاعب مشاعرها كعرائس الماريونيت و لم تبكي, كيف تبكي و قد أصبحت عيناها مجرد عضواً للابصار و قلبها أصبح بارداً و عقلها أصابه تنميل غريب منذ زمن...فلم تعد تبكي أو تتأثر و لكن اليوم شئ استثنائي أصابها بألم قي بقايا كرامه.

"رتبي سرير أخاك فهو رجل و البيت من شأننا نحن النساء" "ضعي له القطع

الأكبر من اللحم فهو رجل و يحتاج للتغذيه" "إصنعي لأخاكي كوباً من الشاي فهو

 يذاكر" " إكوي" "إطبخي" "إغسلي الصحون" "السياره من نصيب

 أخاكي فهو رجل" " كلام أخوكي هو اللي يمشي" "لا ترفعي صوتك في

 وجه أخاكي فهو رجل" "لا تخرجي بدون أذن" " ضعي حذاء في فمك و إسكتي"

هكذا تذكرت كلمات أمها قبل أن تلغي فكرة أن تحدثها تليفونياً لتقص عليها ما

 حدث, ماذا لو طلبت أباها فهي إبنته المدلله و سيتفهم مشاعرها لكن هل سيسمعها

 و هو الرجل الذي تزوج من أخرى عقاباً لأمها عندما تطاولت على أهله دفاعاً عن

 نفسها.

أكانت سعيده قبل زواجها,تساءلت و هي تكمل إعداد حقيبتها للهروب من قفصها

 الذهبي, قضت سنوات طويله تتحمل نظرات الشفقه في عيون الناس, الغمز و

 اللمز على تأخرها في الزواج و حيرة أباها و حزن أمها دفعوها لاتمام هذه الزيجه

 بأي شكل, لم تكن أول مره يضربها أو يحبسها في المنزل لكن هذه المره هو يعلم

 أنها بصدد ترقيه في عملها و لا يمكن أن تغيب و مع ذلك لم يهتم سوى بأن أوامره

 ستطاع, (الطاعه) تلك هي الكلمه التي قالها لها عندما سألته عن الصفات التي

 كان يبحث عنها في زوجته.

ضحكت بمراره و هي تتخيل نفسها مديره لعدد من الموظفين و لا تستطيع أن تدير

 حياتها أو حتى تكون لها حرية الخروج و الدخول,  لطالما شعرت أنها دُميه ينظر

 الناس لشكلها , يعاينوها كأنها في سوق الفاكهه, حتى تتزوج و تكون في ظل

 راجل, تعيش حياتها في الظل راضيه بما يقدمه لها و موافقه على ما يقرره لها,

 لكن آن الأوان أن تخرج من الظل و تقرر لنفسها.

لملمت شجاعتها , ألقت بخاتم الزواج , تخلصت من ضعفها و اتجهت لباب المنزل

 و بمجرد أن فتحته ترامى الى أذنها صوت جارهم و هو يصرخ في إبنته و يضربها

 يبدو أنه اكتشف قصة حبها البريئه لابن الجيران, إنقبض قلبها لصوت بكاء الشابه

 الصغيره ركبت المصعد بسرعه هرباً من الخوف, في الطريق قفذت لذهنها صورة

 ابنة خالتها التي إنفصلت عن زوجها بعد سنوات من خوض القضايا و المحاكم

 دون أن تحصل سوى على لقب (مُطلّقه) و الكثير من الذكريات السيئه, تذكرت

 كيف تعيش  الآن في عذاب أكبر بسبب مضايقات الرجال لها وضغط أهلها عليها

 كي تقبل بأي زوج.

 في المساء انتظرت في منزلها حتى أتى زوجها باشاً مُداعباً إياها و رائحة الدخان تفوح منه, إنه يوم الخميس ليلة الجمعه و المسامح كريم, أقبلت عليه تساعده على تغير ملابسه, جلس على السرير و جلست على الأرض تخلع عنه حذاءه , شعر أنها ليست هي من تنتظره كل خميس, رفع ذقنها وجدها مبتسمه و في عيناها بقايا دموع.



كتبت هذه القصة كمشاركه في دعوة إتكلمي التي دعت لها ساره درويش و نوهت عنها دعاء العطار صاحبة مدونة كلمتي , في إنتظار مشاركتكم و رأيكم :)

الخميس، 23 يونيو 2011

القصقوصة السادسة عشر (آخر يوم)


بمنسبة مرور عشرة أعوام باليوم و الساعه و الثانيه, تذكرت هذا اليوم إنه آخر يوم في الكليه هو أطول يوم يُلخّص خمس سنوات مرّت من عمرنا , وجدت بالصدفه في إحدى كراساتي  القديمه  إنطبعاتي عن هذا اليوم لأني كنت مغرمه يتسجيل تفاصيل الأيام المهمه و المؤثره في حياتي, و بالرغم أني وجدت الكثير من المشاعر المتباينه فوق السطور الا أن ماخفي و ما وراء الكلمات كان أكبر بكثير و هذا هو ما هالني تذكره.

بعد الامتحان إنطلق الجميع بين تقطيع أوراق الملازم الدراسيه, تكسير عدد كبير من القلل, اشعال الصواريخ و البمب, التسكع هنا و هناك, و لمن لا يعرف صيدلة القاهره هي كمساحه مدرسة, صغيره جداً نكاد نحفظ وجوه بعضنا, البعض كان يزغرد و يضحك و البعض كان مكتئب و آخرين لم يبدوا أي إهتمام و كأنه يوم عادي, طبعاً أنا كنت من المكتئبين لأسباب عديده ذكرتها في أوراقي.

منها أني دخلت الكليه بمفاهيم و عادات بريئه و صدمت كثيراً في التعامل مع واقع مليئ بالمفاهيم المختلفه التي بدت لي وقتها منتهى القسوة و الزيف و اللؤم الآن أراها الدنيا لا شئ سواها, كنت مكتئبه أيضاً لأني لم أصادف حباً حقيقياً خلال السنوات الخمس, لأني سأفتقد إشتياقي للكليه في الأجازات و تفكيري كل يوم ماذا سأرتدي  و لأني سأنفصل عن حياة التلمذه و المجتمع الذي تعودت عليه و عرفت خيره و شره و سأخرج لمواجهة شئ أكثر صخباً و غموضاً, لكن أكثر شئ كان مُحبِط بالنسبة لي أنه لم يعد بإستطاعتي أن أقول "عندما أكبر ســ...." لقد كبرت بالفعل.

ما لم أكتبه في أوراقي هو دموع صديقتي التي كانت تحب من طرف واحد لثلاث سنوات و هذا اليوم كان عليها أن تودع حبيبها بصمت أيضاً بنظرات حزينه لم يعرها انتباهاً لأنه كان مشغول بالضحك و الثرثره مع أخريات, لم أكتب أيضاً عن صديقتي التي قررت أخيراً أن تواجه زميل لنا بأنها لم تعد تحبه لسبب لا تعرفه, أظنه النضوج, و صديقه أخرى وافقت على عرض زميل لنا بأن يتقدم لخطبتها رغم ظروفه و وعدته أن تقف بجانبه مهما حدث.

في هذا اليوم أتى صيدلي عرفته في فترة التمرين, كان قد طلب مني مقابلة والدي و رفضت, وجدته بمجرد أن خرجت من قاعة الامتحان و حاول أن يقنعني أن أفكر مره أخرى في الموضوع, لكن كالعاده ردودي كانت قاطعه, كنت أخشى أن أُعلّق أحدهم ثم أخلى به, و في نفس اليوم  توسطت زميله بيني و بين زميل كلفها أن تخبرني بأنه يود أن يتقدم لخطبتي, و برغم أني رفضته الا أنه كان مصرّ فتقدم لي بعدها عدة مرات كان آخرها و أنا مخطوبه :), لأنه لم يكن يعلم.

كان يوم طويييييل لم نشعر بحرارته خرج في نهايته معظم الناس في خروجات متعدده أكبرها كانت رحله نيليه, لم أشاركهم الخروج كعادتي طوال السنوات لأني لم أكن اجتماعيه بحد كبير و لأن أبي مُحافظ أحياناً زياده عن اللزوم, أنا لا أنسى أن أول مره أزور سينما في حياتي كانت و أنا متزوجه, و لم يوافق على رحلات الكليه سوى رحلة واحده لمدينة الملاهي, كنت أتمنى أن أزور الأقصر و أسوان جداً و لازلت عندي تلك الأمنيه, لكن أبي رفض بحجة أنه يجب أن يكون معي محرم :) , و هل يرضى أحد اخوتي أن يكون معي في رحلة الكلية  و لو رضي أنا لن أرضى :)

و الآن أتذكر هذه الأيام و هذا اليوم بالذات بكثير من السعاده, كم كنت حزينه وقتها لأني كنت عبيطه, كنت أظن أني لن أجد من أحبه, و كنت أظن أني لن أجد أصدقاء جدد, و أنا حياتي ستنحصر بين جدران صيدليه لكني كنت مخطئه بكل تأكيد لأن كل مرحله في حياتنا تحمل الذكريات الحلوه و المره, فالحلو نسعد بتذكره و المره نسعد بأنه قد مضى و يكفي اني تخلصت من أسوأ شئ في الدنيا الطلاسم المبهمه التي توضع بيد جماعه من المعقدين و يسمونها (إمتحانات).

الثلاثاء، 21 يونيو 2011

القصقوصة الخامسة عشر (الأول على قلبي)


هجمت على آمن وهو ينزل من خشبة مسرح المدرسه و قلت له " شُفت يا آمن عمرو صاحبك طلع الأول" رد بخجل "طب و أنا يا ماما؟" تلعثمت حاولت أن أتظاهر بالسعاده رغم غيظي "إنت مطلعتش من العشره الأوائل بس.." "يعني أنا زيرو يا ماما؟ " لم يسعفني الوقت للرد عليه بعد أن أخذه أصدقاءه في البهو ليلتقط لهم الأهالي الصور التذكاريه, أسرعت لأصوره لكن أحد زملائه دفعه دفعه بسيطه فإذا بآمن يصرخ فيه يتعصب يبكي, رد فعل أكبر بكثير من الفعل نفسه, وحدي أنا كنت أعرف لماذا يبكي.

كان هذا في حفلة التكريم التي أقامتها المدرسه الأسبوع الماضي و كان هو مُكرّم بصفته متميز في التفكير الحسابي و المنطقي (جائزة للذين لم يحصلوا على ترتيب بفارق بسيط) , أكاد أبكي كلما تذكرته و هو يفشل في منع نفسه من البكاء, هو لا يبكي كالأطفال رغم سنواته الست إنما يبكي كرجل يكره أن يرى الناس دموعه, أنا السبب فعلت مثل ما فعل أهالينا, أحبطته بعد أن كان سعيداً و هو يتسلم شهادته , كان يغني و يضحك مع زملاءه لم يعر موضوع الترتيب أو المجموع إنتباهاً, أنا التي أخبرته في وقت غير مناسب تماماً, تأنيب الضمير يلازمني من وقتها.

تربينا على أننا لو لم نكن من الأوائل فنحن عاديين, إن لم نكن أذكياء فنحن أغبياء, إن لم نكن مؤدبين فنحن قلالات الأدب, إن لم نفعل الصح فنحن مخطأين, و كأنه لا يوجد حل ثالث, لا يوجد تميز في أمور و إخفاق في أمور أخرى, لا يوجد داخلنا إنسان يخطأ و يصيب, تربينا على أننا يجب أن نكون صح لا على أننا يجب أن نقبل أخطاءنا, تربينا على جلد الذات و تحميل النفس فوق طاقتها حتى نكون في الصوره التي يرضونها عنا, ليتنا تربينا على أن نحب أنفسنا مهما كان, لكن للأسف ورثنا طرق خاطئه في التربيه صعب تغيرها.

سألته ان كان قد بكى بسبب صديقه الذي دفعه أم لأنه حزين أنه لم يكن من الأوائل, أجاب أنه بكى للسببين, تساءلت "بس إنت كنت فرحان على المسرح و بتضحك...زعلت كده مره واحده" أجاب برد مزقني قال " كنت بضحك لكن من جوايا كنت زعلان " ياااااه يا آمن يااااه يا إبني في هذه السن الصغيره بدأت تعي هذا الشعور, بدأت تظهر عكس ما في قلبك, بدأت ترتدي قناع الابتسامه أمام الناس, بدأت مبكراً يا بني فكم من المرات ستدفعك الحياه لهذا الشعور ربما طول الوقت.

لماذا أصبحت شبهي الى هذا الحد, أذكر الممرضه يوم ولادتك أخبرتني أنك ستكون (حساس أوي) كيف عرفت, كنت أتمنى أن تكون صلباً ألا تفرق معك المواقف و أن ترمي هموم الدنيا وراء ضهرك لكنك أبيت الا أن تكون شبهي في كل شئ.

لاحظت أن صديق له من الأوائل كان يغيظه في الهاتف و يعايره بأن ليس له ترتيب, رد عليه آمن و هو على مشارف البكاء بأنه ليس (زيرو) و أن الفارق بينهم نمره فقط, فصمت صديقه بعد أن فشل في جعله يبكي أو يغضب و عادا للحوارات الكارتونيه العاديه,  قررت أن أكافأه إشتريت له هدية و أخبرته أنها بمناسبة تفوقه و بأني سعيده و فخوره به جداً, و أني سأكون أسعد عندما يحصل على ترتيب العام القادم و لكن هذا لا يمنع أني أحبه دائماً و أنه الأول عندي.


الشيخ الصغير هو آمن في حفلة سابقه

الاثنين، 20 يونيو 2011

أنا آسف يا تحرش...!


مفيش حاجه إسمها تحرش دي تهمه زور بيرموا بيها المجتمع زي تهم الفساد اللي ملت البلد, أنا عن نفسي عمر ما حد تحرش بي, بتعاكس آه زي ما كل البنات بتتعاكس بكلمه حلوه أو وحشه متعودتش أركز مع المعاكسات بتعدي في حياتي زي ما العربيات بتعدي جنبي في الشارع, زي ما بشوف زباله مرميه في الشارع مابقتش تلفت نظري أو أقف عندها.

في الزحمه بنتلزق في زمايلنا في الكليه وقت دخول أو الخروج من المدرج و أيام إمتحانات الشفوي بس الشهاده لله كان الولاد بيرفعوا إديهم و يبصوا بعيد عمري ما حسيت إنهم بيستغلوا الموقف, في الأماكن الزحمه عادة كنت بروح مع حد من إخواتي عشان أتجنب أي مضايقات, و في الشارع كنت بمشي بسرعه و أبص في الأرض و بعدين بقيت بتنقل بأي وسيلة مواصلات و الشباب كانوا مؤدبين مبيضايقوش غير البنات اللي لابسين ضيق و شكلهم مستفز و هما معذروين بردو عشان تأخر سن الجواز و فوران الدماغ و كده.

و عشان كده أنا قررت أنزل ميدان مصطفى محمود و أشيل يافطه مكتوب عليها (أنا آسف يا شباب) آسفه عشان إتهمناكوا بالتحرش و انتم زي (إخواتنا) و أكتر, أنا آسفه يا شباب عشان شوهنا صورتكم و قلنا بيتحرشوا و طلعنا أفلام و كتبنا مقالات و كنا هنعمل ثورة ضدكم  و نسينا إنكم (رمز) الجدعنه و الشهامه و الأخلاق صحيح اللي مالوش خير في شباب بلده مالوش خير في حد.

يا ترى صحيح أنا محصليش تحرش, يا ترى الرجاله اللي كانوا بيقفوا جنب المدرسه و يعملوا تصرفات بذيئه ده مكانش تحرش, يا ترى النظرات القذره اللي كان معظم الشباب و الرجال في الشارع بيبصوها لأي أنثى ماشيه ده مكانش تحرش, يا ترى الشباب و الرجال اللي بيلمسوا أي بنت في أي زحمه بطريقه فجه ده مش تحرش, يا ترى اللي بيحصل في وسائل المواصلات و بنغمي عنينا عنه ده مش تحرش.

الرصيف اللي جنب بيتنا اللي كنت بخاف أمشي عليه عشان الشباب اللي قاعدين هناك بيتسلوا بالبص لأي واحده تعدي, المترو اللي كنت بركب فيه عربية السيدات بس حتى لو إستنيت ساعة عشان بخاف من العربيات العادية, الباص المكيف و المهازل اللي كنت بشوفها فيه من غير ما حد يتحرك, الشارع اللي بقلق لو مشيت فيه لوحدي, العجل اللي بتعرعب لو عدى من جنبي و هو بيكلكس بإيده و صوته بشكل غير لائق, الكلمات البذيئه اللي بتأذيني كل ما أسمعها في الشارع, الحفلات و الأحداث اللي كنت بتحرم أحضرها عشان زحمه, التكشيره و عباءة الاسترجال و التحفز اللي كنت بلبسها و أنا خارجه عشان أدافع بيها عن نفسي....كلللل ده مش كفايه عشان أعترف اني تعرضت للتحرش.

من حقي أني أعيش حياتي, من حقي أنزل الشارع في أمان, من حقي أعتز بأنوثتي اللي بتتعامل و كأنها تهمه مفروض أدافع عنها أو أخبيها, من حقي أتهم أي ولد بيعاكس و الناس تلقنوا درس زي زمان مش تدافع عنه, من حقي تعاملني بإحترام, من حقي لما تبصلي تبصلي في عيني, من حقي أخد حقي, من حقي أنزل بشعري, بحجابي, بنقابي, من غير ما أحس إني حتة جاتوه بيتلم عليها الدبان.

الشعب يريد رجاله بجد مش رجاله ناقصين.

الأحد، 19 يونيو 2011

القصقوصه الرابعة عشر (البلد)


أرض خضراء واسعه تحدها أشجار عاليه , أرض زراعيه ليست حديقه تفوح منها رائحة الطين و الزرع و الفواكه النديه, يتخللها جدول ماء ضيق مياهه شفافه أستطيع أن أرى فيها أسماك صغيره بوضوح و أن ألعب فيها بمراكب صغيره تطفو في مرح طفولي, في جانب منها كوخ أو بيت صغير من طابقين أحدهما للطعام و الجلوس به مدفأه أو فرن و الآخر للنوم به شباك صغير يطل على الأرض الخضراء و على الشباك ترقد حمامه و فراخها الصغار, بجوار المنزل عشش للطيور و حظائر للحيوانات, الخيول و الحمير و الأبقار و الخرفان, و بالطبع قطه جميله تسكن المنزل و كلب طيب يحرسه.

هذا كان أهم أحلامي في فترة الصبا رسمته سلسلة قصص للأطفال ليدي بيرد (جان آند بيتر), هذه القصص ساعدت على جعل خيالي خصب بصورها الجميله الحيه و المرح الذي يقفذ بين السطور, كنت أتخيل نفسي جان و هي تلعب مع الحيوانات و تبني بيتاً فوق الشجر تسكنه مع أخاها, كنت أتخيل نفسي أعيش في هذا البيت الصغير و أساعد أمي في الطهو في مطبخه المُغري, و أن أركب الجرار العالي, تركت هذه السلسه في نفسي رغبه شديده لعيش حياة الريف حتى لو كان الريف المصري مختلف عن الريف الانجليزي.

عندما شاهدت فيلم (خرج و لم يعد) لأول مره إنتباني نفس الشعور القوي بحبي لحياة الريف و تمنيت لو أجربها و لو لأيام, جربت الريف المهجن في قرى ترفيهيه على أطراف القاهره مثل (قرية فلفله) لكن لم أجد فيها أي شئ من خيالي, لم تكن فيها حياة مجرد بعض الموظفين يؤدون أدوارهم, نسيت أن أذكر أني قاهريه جداً أصول أجدادي من أبي من أحياء القاهره القديمه الأزهر بالتحديد, و أصول أجدادي من أمي تعود لسوريا دمشق بالتحديد, و بالتالي لم أتمتع مثل معظم من عرفتهم بأن يكون لي بلد.

في الأعياد و الأجازات و المناسبات كلمه واحده تتردد بين المعارف (هنروح البلد), حتى سنحت لي الفرصه أخيراً أن أزور (بلد) عندما ألقى تنسيق الثانويه العامه بأختي الصغرى لطب المنصوره فكنت أنا مرافقتها في أيامها الأولى, نزلنا عند صديق لأبي منذ أن كانا في الكليه, كانت أسره كريمه جداً ردد صديق أبي كلمة (يادي النور) لأكثر من عشرين مره في أول يوم, المنزل فاخر بحديقه صغيره, الأثاث عصري, زوجته إمرأه أرستقراطيه قدمت لنا طعام شهي لكن مثل أصناف أمي إبنته أنيقه ترتدي على الموضه, المنزل قريب من الجامعه تقطن في أدواره العليه طالبات مغتربات, كل شئ كان رائع لكن....أين المزرعه؟

أتى المساء سريعاً لا صوت واحد في الخارج الظلام ثقيل و هادئ , بعكس صخب ليل القاهرة التي لا تنام, بقدر روعة النهار بقدر وحشة الليل هناك...لكن أين المزرعه؟... لم أجد شئ من خيالي, عرفت حينها أن البلد لن تكون بالضروره ريف و أن بنات الأقاليم يواكبن الموضه و أكثر, و أنهم لايأكلون الحمام و البط و الفطائر و الطعام الفلاحي طوال الوقت, سافرت بعدها عدة محافظات لكن كنت أزور فقط المنطقه الصناعيه بحكم عملي وقتها و أعود دون أن أرى أي مزارع سوى في الطريق أسرح فيها كثيراً و أستعيد خيالي لبعض الوقت.

الآن أصبحت أحب حياة المدينة الصاخبه, النادي, السينما, السهر و الشوارع التي تشغي بمرتاديها و مرتادي المطاعم و الدكاكين حتى منتصف الليل, لكن تأتي أوقات تمر بي نسمه تعيدني لخيالي و تظل تراودني حياة الريف... 

السبت، 18 يونيو 2011

القصقوصة الثالثة عشر (المصاحبة)


حب عندي يساوي خطوبة إن لم تحبني لا تخطبني و إن أحببتني لا تفكر سوى أن تخطبني و كل ما دون ذلك هو إعجاب لم يرقى للحب.
هذا هو مبدأي في الإرتباط و لا حلول وسط عندي, لا أعترف بأي إرتباط غير رسمي أعتبره (مصاحبة) حتى لو كان هناك ألف وعد بالزواج قد يعتبرني البعض معقده , لكن في الحقيقه أشياء كثيره جعلت هذا قراري من البداية, أولها كان إحترامي لأهلي و حفاظي على ثقة وضعوها في و إطمأنوا فلن أخذلهم, ثانياً لأني لا أعترف بان أعطي قلبي و مشاعري الا لشخص واحد يستطيع أن يحافظ علي و هذا الشخص ليس من صفاته (المصاحبة).

لن أرتبط بشاب مهما كان حتى لو أعجبت به و أنا أعلم أن ليس بنيته أن نكون شركاء في الحياه, أنا لست تلك الفتاة العبيطه التي تحب مثل الأغاني التركية و تعيش مثل الأفلام الهندية و تنجرح و تبكي مثل المسلسلات العربية, أنا لست هذه الفتاة التي تنجرف وراء الحب دون عقل ثم تبكي على اللبن المسكوب و تعيش حياتها بجرح لا يشفى أو ذكرى تعذبها, أنا لست أيضاً هذا النموذج الآخر الذي يرسم و يخطط و يرمي بشبكة (المصاحبة) التي قد تأتي بعريس.

كانت جميلة و خفيفة الظل تتعرف بهذا, تضحك مع هذا, تبحث عن الحب بين الكلمات و العيون, توهم نفسها بأنها تحب , تحب هذا الاحساس أن يقول لها (خلي بالك من نفسك) أن تقول له (كلمني لما توصل البيت) أن تتأبط ذراعه و تسير أمام الناس, أن يأتي لها بوردة حتى لوقاطفها  من الحديقة المجاوره, أن تبكي عندما يمر بمشكله أن يغير عندما يراها تتحدث مع غيره, تحب أن تستأذنه قبل أن تخرج مع أختها و أن تستشيره في لون ثوب التخرج, و أن تبعث له برساله و يرد عليها فوراً,هكذا أحبت إحساسها بالحب معه.

لم يقل لها يوماً (سنتزوج) و لم تسأله يوماً (متى؟) فقط عاشت التجربة بكل مافيها سنوات طويله حتى إقتربت ساعة التخرج و بدأت ساعتها البيولوجيه تخبرها أن المعاد قد أتى و بدأ نور أحمر يشتعل بتقطع  في رأسها, إنتظرت أن يقول شئ, لم يقل , سألته هي عن اليوم الذي حدده للقاء أهلها, قال لها بعد الجيش....
مشاعرها إنتحرت لم تعد تحبه أو لم تعد تحب حبه, تمسك بها أخبرها أنه يريدها لكن عندما تتحسن ظروفه, تركته  و أتت تبكي عندي بكاء لأول مره صادق من القلب ليس (كاموفلاج) مثل السنوات السابقه.
 "مش قلتلك مينفعش"
 "كنت فاكراه هيتقدم بعد التخرج"
"مش قلتلك خليه يقابل أهلك و يتعرف عليهم و يتقدملك و كل خطوه بعد كده تيجي على مهلها"
 "كنت خايفه يفتكرني واقعه و برمي نفسي عليه"
 "الواقعه هي اللي ترتبط بواحد من غير شروط"
 "كنت بحبه...مش عارفه إزاي هعيش من غيره"
 "سيبتيه ليه؟"
 "قبل ما يسبني"
بعدها بشهر كانت قد إرتبطت بآخر دون علم أهلها و لكن لرحمة الله بها تزوجها و ظلت حتى الآن ذكريات الأول تطفو بين الحين و الآخر مع أغنية مع مكان مع تاريخ معين...و هل ينسى المرء سنوات من عمره...هذه حكاية صديقتي و الكثير من البنات اللاتي  إستهانوا بمشاعرهن و وضعنها في غير مكانها فإما رخصت إما أصابهن جرح نافذ, أراهن كثيراً في كل مكان أتمنى أن أصرخ فيهن "مش هيتجوزك يا غبية" "إنت أغلى من كده" لكن هيهات لا فائده فسحر الشعور بأنك في حالة حب أقوى من الحب نفسه.

الجمعة، 17 يونيو 2011

كالأطفال


كالأطفال

حبيبي يراني كالأطفال

كالأطفال

حبيبي يعاملني كالأطفال

و يكلمني كالأطفال.....و يدللني كالأطفال

و يداعبني و يسابقني و يلاعبني....كالأطفال

و يقول جميلتي صغيره

و أقول أنا لست صغيره....أنا لست صغيره

هل مرّ الدهر عليه و لازلت صغيره

متى يعرف يوماً أني أصبحت كبيره

أصبح لي قلب إمرأة ينبض إحساس

اصبح  لي عقل إمرأة يهوى بإخلاص

و لكنك ترى الضفيره.....و تراني دوماً صغيره

كالأطفال

و تراقص غيري فتايات

و تصاحب غيري كثيرات

و تضحك كل الأوقاتِ

و لا تشعر ابداً بآهاتِ

و تحكي دوماً حكياتٍ

عن أحباباً و صديقاتٍ

و كثيراً تصف الجميلات

و الكلمات و النظرات

من غيرتي فاضت بي براكين كثيره

من حيرتي عاشت بي أحزان مريره

و لكنك ترى الضفيره و تراني دوماً صغيره

كالأطفال

يشاغلني الكثير و يهواني الكثير

يلاحقني الكثير و يتمنوا الكثير

و أنا لا أميل أريدك يا أمير

متى تشعر يوماً بوجودي

متى تصل يوماً لحدودي

و تراني أصبحت كبيره

ألا تصيبك عدوة الغيره

ألا تصيبك عدوة الحيرة

 و تراني أصبحت كبيره

تقود عربة أحزاني....و تصاحب همي و أشجاني

و تجعلني أبكي كثيرا و كثيرا


كالأطفال

الأربعاء، 15 يونيو 2011

القصقوصة الثانية عشر (لغتنا الجميله...جامده آخر حاجه)


في آواخر التسعينات بدأت تظهر كلمات جديده غريبه علينا وقتها لكن مُعبّره جداً...زي مثلاً كلمة (روش) و (إبعت) و(بيئه) و كلام تاني كتير كان أهالينا بيستغربونا أوي لما نقوله بس الغريب بقى ان في ناس في نفس أعمارنا بيستغربوا بردو من الكلمات دي و بيعتبروها صفاقه و قلة أدب مع إنها كلمات بريئه جداً...

مقدرش أقول إني بقول طول الوقت الكلام ده لكن ده ميمنعش اني بقوله لما يكون مُعبّرعن حاله معينه بحس ان مفيش كلمه هتعبر كده, يعني مثلاً كنت في الكليه مره و طلعت مني بتلقائيه جداً كلمة (طحن) في وصف صعوبة إمتحان ما لقيت البنات ضحكوا و واحده قالت بجد "في بنت تقول طحن..دي كلمه ولادي" على أساس إيه كلمه ولادي عندها شنب مثلاً...حاجه غريبه و الله, و بعدها طبعاً بقيت بستعمل (كبّر)و (نفّض) و (مهيس) و (إشتغاله) و كل كلمه جديده تطلع طالما بتعبر كويس أوي و مفيهاش حاجه غلط هقولها عادي ده مش هيقلل من أنوثتي أو أخلاقي لا سمح الله.

الفتره الوحيده اللي مسكت لساني شويه عن الكلمات دي لما كنت مخطوبه مش إسترقاق و لا حاجه  بالعكس أنا بتخنق من (حد جميل و حد لذيذ و عسوله و طيوبه و الجو ده ) بس لأني في الفتره دي كنت حالمه أوي و شبه شخصيه في روايه أو بطلة فيلم رومانسي بجد لما بشوف صوري أو فيديو ليه في الوقت ده مبعرفنيش...كان صعب أوي إنه يقولي إنه حجز معاد الفرح مثلاً أقوم أقوله (قشطه) كنت هفصله من رومانسية اللحظه.

اللي فكرني بالموضوع ده إني كنت في كورس إجباري عن مهارات الاتصال و بعدين دخلت في مناقشه حاده مع زميله لي في العمل عن أن الكلمات الجديده دي بذيئه و تنم عن قلة الأدب و إننا مش مفروض نسمح لأولادنا يقولوا كده "أمال لو عرفت إن أنا اللي بقول:)" و أضافت كمان إن مفيش دوله في العالم بتنسلخ من جلدها و تستبدل لغتها بلغه تانيه و إن كده تراثنا و لغتنا الجميله هتروح و كلام كبير كده...طبعاً أنا مسكتش.
أولاً لغتنا لغة القرآن, لغة الضاد, محدش جاب سيرتها و لا مسها و لا يقدر بالعكس إحنا بنحاول نقرى و نتثقف عشان نحافظ عليها, اللغه العربيه الفصحى خارج الموضوع أصلاً...أما بقى تحور اللغه العاميه فده شئ مش جديد يعني مثلاً لما أهالينا بطلوا يقولوا "سعيده" و خلوها "صباح الخير" كفروا؟, و لما بطلوا يقولوا "نينه" أجرموا و لما دخلوا كلمات كتير على اللغه العاميه زي (شرابة خُرج) (لبط)(استعباط)(استهبال) ده قلل من شأن اللغه العاميه؟

بالعكس أنا شايفه إن ده أثراها و إحنا كمان أثرينا لغتنا لما أضفنالها  مصطلحات جديده و بقى لينا لونّا المميز و حوارنا الخاص بينا, و ده عمره ما كان غير ميزه لجيلنا الشباب (السيس) اللي عملوا الثوره, بالعكس أفتكر الجيل اللي ميطلعش منه كلمات جديده و مفاهيم و إعتقادات جديده يبقى جيل ماسخ مالوش طعم و لا شكل معين ,شرط طبعاً إن أي إضافه في اللغه أو تغير في المعتقدات متتنافاش مع طباعنا الشرقيه و قيمنا الدينيه.

أول مره سمعت عن كتاب "عايزه أتجوز" للكاتبه و المدونه سابقاً المميزه جداً غاده عبد العال إشتريته فوراً , بس أول ما قريته إتصدمت...أصلي مكنتش بقرا غير روايات باللغة العربيه الفصحى و مكنتش قريت الكتب الساخره اللي إنتشرت جداً باللغه العاميه...إستغربت أوي بس و أنا بقراه حسيت إن الكتابه العاميه فن مش سهل لأنك لازم تكون كاتب فكره مُبهره مفيش أي إعتماد على الصور الجماليه و الخيال بقدر ما انك هتعتمد على موهبة الوصول لعقل و قلب الناس بطريقه شيقه و من غير أي حاجز لغوي.

من ساعتها و أنا عرفت قيمة الكتابه باللغه العامية, و بستمتع جداً لما بقرى أي مقال أو حكاية باللغه العاميه , لكن ده ميمنعش إن عشقي الأول هو الكتابه و القراءه باللغة العربية الفصحى. 

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

القصقوصة الاحدى عشر (بنت بمئة راجل)


عندما بدأت أخرج وحدي للحياه في المرحلة الثانوية كان أبي ينصحني دائماً أن أكون جدعه و قويه و لا أسمح لأحد بأن يضحك على عقلي أو ينصب علي و كنت أحاول أن أكون كما يريد أبي (بنت جدعه) , عندما دخلت الكليه و بدأت أغيب فترات طويله عن المنزل و أعود من سكاشني في المساء كان أبي يقلق علىّ و أمي تطمئنه و تقول " لا تخف إبنتنا صغيره لكن بمئة راجل".

تخرجت و بدأت أعمل نهاراً في مستشفى و مساءً في صيدليه أبي و أخي كانا يمرا علي في العمل يربتا على كتفي و يقولا (جدعه) عندما يرا القلق في عيني و أنا لازلت أتحسس أولى خطواتي في العمل يطمأنوني بقولهم " خليكي بنت بمئة راجل".

عندما تزوجت إعترض زوجي عليّ " إنت مدّلعه أوي"... إنظري لفُلانه و علانه و تعلمي أن تكوني بنت بمئة راجل تستطيع أن تشيل بيت و تتحمل مسؤلية أسرة و أبناء و عمل و أن تتفوق فيهم ايضاً دون ضجر أو شكوى.

و أنا في طريقي للعمل أجد المضايقات في الشارع أتحاشى النظرات بالنظر للا شئ , أسرع في خطواتي, حتى عندما أقود سيارتي تحتك بي السيارات يضايقني الميكروباصات أحاول أن أتجنبهم أن أصم أذني عن كلامهم, في العمل ما أكثر المنغصات "خليكي بنت بمئة راجل"

يسألني رئيس القسم" لماذا حولًتي من قسم التفتيش" "لأني تعبت من مأموريات السفر" "طب ما تشتكوش بعد كده و تطلبوا مساوتكم بالرجال" أقول في سّري الرجال أيضاً يمقتوا مأموريات السفر, و الرجال عندما يعودوا للمنزل مساءً يجدوا من يكون في خدمتهم و يهيأ لهم جواً من الراحه لكن عندما أعود أنا مساءً لا أجد سوى ثوره عارمه و فوضى عارمه....معلش "خليكي بنت بمئة راجل"

هذا اليوم عُدت من عملي في ساعتين الطريق متوقف نسير بسرعة البطريق, الشمس حارقه الراديو مُمل الحضانه تُكلمني لأني تأخرت على إبنتي, شحات يخبط على الزجاج و أنا أتجاهله, خناقه كبيره بين سائق تاكسي و سياره ملاكي, تترامى لأذني أقذع الشتائم, عقلي يريد أن ينام كيف يواظب على الصحيان و العمل لمدة 19 ساعه.
أعود في حالة يرثى لها و أنا أهذي بعصبيه "أنا مش بنت بمئة راجل...أنا مش بنت بمئة راجل...أنا بنت بس...بنت بس"

الاثنين، 13 يونيو 2011

القصقوصة العاشره (مش ذنبها)


في إحدى ليالي الصيف جاءوا لزيارتنا مساءً, أقارب متواجدين في أجازه قصيره يزوروا مصر شهر كل عدة أعوام, و بعد الترحيب و التهليل المصري المعروف بدأ الأب و أبناءه الثلاثه سلسله من النقد و الذم في مصر و قرفها و زحمتها و تلوثها و فسادها و شحاتينها و موظفينها و عدم ضمير أهلها و إنتشار السرقه و النصب و التحرش فيها إلى آخره...قال الأب لزوجي "إنت قاعد هنا بتعمل إيه إنت لازم تشوف أي فرصه و تهاجر" و لأني أعرف دماغ زوجي بادرت بالإجابه "ليه إحنا هنا مبسوطين و عايشين كويس الحمد لله"

طبعاً لم تعجبه إجابتي أو تظاهر بعدم سماعها و إستمر في إقناع زوجي أن الحل السحري لكل مشاكله هو السفر و البعد عن هذا الفساد, إستشهد في كلامه بحديث نبوي بمعنى أن الله أمرنا بالإبتعاد عن الأرض التي ينتشر فيها الفساد, كنت أتمنى أن أسأله (و ماذا فعلت انت كي تحارب الفساد سوى الهروب...حتى لم تحمل نفسك عبأ العيش وسط هذا الجو و إنتقاء الصالح فيه و العمل على النهوض بوطنك) لكني إكتفيت ببعض الردود المتحفظه دون الخروج عن مسار المجامله و الذوق.

بدأت أتحدث عن إيجابيات ألمسها في البلد...لا حياة لمن تنادي...أحاول أن أشرح أن المشكلة ليست في الأرض الطيبه و الوطن المظلوم من بنية...لا فائده...أفشل في أن أدافع عن وطني الكل يباغتني بهجوم شرس الكل غاضب الكل يائس الكل يبحث عن الهروب الكل لا يفعل شئ سوى سب البلد...و أنا ساذجه لأني أدافع, إنسانه في نظرهم مُغيبه لا أدري شئ عن أرض الواقع, أنا صاحبة النظارة الوردية التي تصبغ الحياه في عيني باللون البمبي و تخفي السواد.

مخطأين أنا أعلم و أعرف و أُحُبط  لكني لا أيأس, تصعب علي البلد كأنها أم يتبرى منها أبناءها و يتهموها بسوء السمعه و السلوك بينما بعضهم أيديهم ملطخه بدماءها و البعض الآخر صامتون موافقون على طول الخط, لم تسعفني الكلمات لم أستطع الرد كنت كمن يدرأ تهمه عن نفسه و لا يفلح, الأبناء يسخرون من مستوى ذكاء الناس و من ولعهم الزائد بالكُره, الأغراض القديمه التي لا يستطيع البسطاء أو الهيئات إستبدالها بالجديد هي مصدر نكات و قفشات الليله, كلهم يضحكون أحاول أن أشاركهم بضحكه بارده.

إنتهت الزياره, في أول جلسه لي مع نفسي كنت حزينه ليس على حال بلدي و ليس من تشجيع الكثير لنا على السفر, لم يكن سبب حزني ضعف الناس و حاجتهم و جهلهم الذي تسببت فيه سياسه فاسده أعوام عديده, لكن سبب حزني أن حتى الكلمات الطيبه أصبحت كثيره على مصر ياااااه بخسوها حقها لهذه الدرجة لدرجة أنها باتت لا تستحق المدح أو الثناء, أصبحت أي كلمه حلوه تقال في حقها ذنب, أو هي من أفواه من لا يعقلون...لو قلت بحب مصر تجد من يقول( يا عم انت هتغني)...كان هذا اليوم في الصيف الماضي الآن أتمنى أن يعود أقاربنا لزيارتنا مره أخرى لأقول لهم أن مصر تفخر بمن ثار لها تفخر بمن مات و جرح من أجلها بمن دافع عن حقها و تحمل الصعاب من أجل أن يتغير حالها و ترتقي للأفضل....أقولها بدون خجل و بكل إعتزاز...بحبك يا مصر.

الأحد، 12 يونيو 2011

القصقوصه التاسعه (زعلان؟...أركب الأتوبيس)

كنت مهمومه جداً لا أرى من الدنيا سوى وجهها القبيح, أريد أن أنفث عن نفسي أن أطرد بعض الكلمات المحتبسه داخلي أن أُظهر فوران حزني, تعودت منذ صغري أن أفضض مع أمي أو أختي أن أحكي و أبكي و أستمع إلى مواستهم و نصائحهم التي غالباً لا أعمل بها لكن أحتاج أن أسمعها و أنتقي منها ما يناسب حالتي, لكن مع مرور الأعوام تعلمت ألا أحكي بعض الهموم لأحد, و أقنعت نفسي أن داخلي غرفه مغلقه لا يجب أن يدخلها أحد و يطّلع على ما بها غيري, لأني قد أنسى لكن من إتطلع على غرفتي لن ينسى ما بها أبداً.

و تعاملت حتى الآن بهذا المبدأ لكن مرات قليله كنت أفيض كبركان من الهموم أتمنى لو أجد أرضاً أُغطيها بحممي الهموميه, دخلت هذا اليوم الباص الُمكيف و جلست بجوار فتاه تكبرني بأعوام كُنت حزينه هائمه فسألتني بلطف (مالك؟) و كانت الكلمة كالبوابه السحريه للساني الذي إنطلق يحكي بإستفاضه عن أسباب حزني من الألف إلى ما بعد الياء.

إسترحت جداً بمجرد أن أخرجت شحنة من همومي عندها و هي كالعاده راحت تنصحني و تقدم إقتراحتها التي غالباً لن أنفذها, الغريب أني قابلتها صدفه بعدها بشهور في الكليه و تذكرتني و حاولت أن تذكرني بنفسها لكني تظاهرت بأني لا أذكرها...أعلم أنه تصرف قد يغضبك حين تقرأه لكن لم يكن بيدي حيله فقد أفرغت عندها همي على إعتبار أني لن أراها ثانيةً.

المره الثانيه كانت في الباص المكيف أيضاً و كانت الفضفضه هذه المره من نصيب فتاه في مثل سني بدأتها أنا, كانت متفهمه جداً إستوعبت حزني لم تباغتني بالحلول و النصائح إنما إستمعت لي بإهتمام و قدمت لي الإفتراضات بمنتهى الحياديه أنهيت حديثي معها و قد هدأت نفسي المحتاره, و إذا بها تطلب رقم هاتفي...أعطيتها رقم خطأ...أعلم أنه تصرف غير لائق لكن لم أستطع أن أواجهها مره أخرى و قد عرفت محتويات غرفتي السرّيه...ممنوع دخولها على الأصدقاء و الأقارب.

المشكله أننا لا نملك في مصر ثقافة أن تتكلم مع شخص لا يعرفك أو تعرفه فقط لحاجتك للكلام عن أمر ما قد يمضي الوقت و لاتتحدث فيه الا مع نفسك, حاجتك لأن تهدأ لأن تفكر بعقلين أحدهما حيادي تماماً, الطبيب النفسي للأسف يعتبر سُبّه و عيب في حق أي إنسان عاقل و المعارف يتكلمون حسب هواهم و يعرفون عنك أكثر مما ينبغي مما قد يُستعمل ضدك في وقت ما, و لهذا عندما يضيق بي الحال ليس لي بعد الله سوى...الباص.